هل يجوز ذبح الاضحية بالليل، وهو من أهم الأمور التي تشغل بال الكثيرين باقتراب دخول عيد الأضحى المباركة وحلوله على الأمة الإسلامية والعربية، في العاشر من ذي الحجة من كل عام، كما له في الشريعة الإسلامية حكام خاصة بالأضحية لمن يعزم على ذبحها قرباناً الى الله تعالى، والحديث في مقال اليوم يتناول التوضيح الكافي للسؤال المطروح، بالإضافة إلى الاستفسارات الأخرى التي تدور بين المسلمين في الوقت الحالي، أبرزها هل يجوز ذبح الأضحية بالليل.
هل يجوز ذبح الاضحية بالليل
ان توقيت ذبح الأضحية من اكثر الأمور التي يبحث المُضحي عن تفصيل وتفسير لها، كي يرى ما هي المواقيت التي تُبطلها ليتجنبها، ويبدأ وقت الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى، ويرى جمهور المالكية أم الذبح يكون بعد أن يقوم الإمام بذبح أضحيته، فإن لم يذبح اعتبر زمن ذبحه، ورأي الجمهور أرجح وأيسر، وينتهي وقت الأضحية بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة،
- أما حكم ذبح الأضحية في الليل تفصيلاً، فقد اختلف العلماء في مسألة الذبح ليلا، فذهب أكثر الفقهاء إلى كراهة الذبح في هذا الوقت، وعند المالكية لا يجوز الذبح ليلاً، فإن فعل فليست أضحية.
- وهناك من قال بالجواز وعدم الكراهة، والذي نرجحه في هذه المسألة هو جواز الذبح ليلا دون كراهة، حتى الكراهة عند الجمهور تزول عند أدنى حاجة, فعلى هذا يظهر جواز الذبح ليلا، ولا حرج عليكم في الذبح في هذا الوقت.
- وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: أما ليلة عيد الأضحى فليست وقتا للتضحية بلا خلاف، وكذلك الليلة المتأخرة من أيام النحر، وإنما الخلاف في الليلتين أو الليالي المتوسطة بين أيام النحر. والمالكية يقولون: لا تجزئ التضحية التي تقع في الليلتين المتوسطتين، وهما ليلتا يومي التشريق من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. وهذا أحد قولي الحنابلة.
- وقال الحنابلة والشافعية: إن التضحية في الليالي المتوسطة تجزئ مع الكراهة، لأن الذابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثور والجمهور. وهو أصح القولين عند الحنابلة.
- واستثنى الشافعية من كراهية التضحية ليلا ما لو كان ذلك لحاجة، كاشتغاله نهارا بما يمنعه من التضحية، أو مصلحة كتيسر الفقراء ليلا، أو سهولة حضورهم.
- وهناك أحاديث جاءت بالمنع من الذبح ليلا ولكنها لم تسلم من الطعن مثل الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعا نصه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأضحية ليلا، جاء في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لابن حجر العسقلاني: { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الذَّبْحِ لَيْلًا }.الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَلَمَةَ الْخَبَائِرِيُّ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وبالتالي فإن الذبح ليلاً جائز.
- ومما اعتمدوه في منعهم ما جاء عن الحسن البصري أنه قال: “نهي عن جذاذ الليل، وحصاد الليل، والأضحى بالليل”، وحديث البصري كما قال النووي: مرسل أو موقوف، ومرجع الخلاف بين العلماء عائد إلى “ليالي النحر” هل تدخل مع أيام النحر؟ فمن قال: إنها تدخل أجاز الذبح، ومن قال إنها لا تدخل منع الذبح.
شاهد ايضا: حكم الأضحية في المذاهب الأربعة
هل يجوز ذبح الاضحية رابع يوم العيد
ان ذبح الأضحية يجب أن يكون من بعد صلاة عيد الأضحى وليس قبلها، ويستمرّ حتى مغرب آخر أيام التشريق؛ وسُميت تلك الأيام بهذا الاسم؛ لأنهم يُشرّقون فيها، ومعنى ذلك أنهم كانوا يضعون اللحم في الشمس بعد ذبح الأضحية وتقطيعها، وأيام التشريق هي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، بالإضافة ليوم النّحر، وهو يوم العاشر من ذي الحجة، وبالتالي فإنه لا يجوز ذبح الاضحية في اليوم الرابع.
حكم ذبح الاضحية بالليل
اتفق جمهور العلماء على أنه يجوز الذبح في الليل، ولا حرج على المضحي أو إثم في ذلك، بالاستناد على دليل أن الأيام إذا أُطلقت دخلت فيها الليالي أيضًا، وقد أجاز العلماء الذبح ليلًا مع أفضلية الذبح في النّهار، فالذبح نهارًا أولى، ولكن إذا حالت الظروف حول الذّبح بالنّهار، لوم يستطع المُضحّي فعل ذلك؛ فعليه بالذبح بالليل.
متى يبدأ وقت الذبح ومتى ينتهي
وكما أشرنا أن وقت الأضحية من أهم الامور التي يحرص المضحي على الالتزام بها، ويدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذى الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومضى زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق فى ذلك بين أهل الحضر والبوادى، وهذا قول الشافعية والحنابلة.
وينتهى وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، وهو رابع أيام العيد، إذ إن أيام النحر أربعة: يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة الآتية بعده، فعن جبير بن مطعم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (كل عرفات موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر، وكل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح).
قال الإمام الشافعي: فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق، ثم ضحى أحد، فلا ضحية له، و أفضل وقت لذبح الأضحية، هو اليوم الأول، وهو يوم الأضحى بعد فراغ الناس من صلاة العيد، فاليوم الأول أفضل في الذبح من الأيام الثلاثة التالية له، وإنما كان اليوم الأول أفضل لأن الأضحية فيه مسارعة إلى الخير، وقد قال الله تعالى ﴿وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين﴾، والمقصود المسارعة إلى سبب المغفرة والجنة، وهو العمل الصالح.
هل يجوز توزيع الأضحية كاملة
لم يتفق الفقهاء في توضيح حكم توزيع الأضحية كاملاً، وجاء قولهم على رأيين، ننتقل هنا الى التوضيح كما في هذا النحو التالي:
- الرأي الأول: يرى أن التصدّق على الفقراء والمساكين من الأضحية واجبٌ محتّم، وذلك لأن الله قال: ” فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير”، ووجه الاستدلال من الآية أنه يجب على المُضحّي التصدق منها.
- وقال الرأي الآخر: إن أمر التصدّق ليس أمرًا وجوبيًّا؛ لأن الأضحية ليست واجبة أو فريضة كفريضة الزّكاة؛ فلا مانع من أن يأخذ المضحّي لحم الأضحية، ولا يُعطي منها شيءٌ للفقراء.
شاهد ايضا: اخر موعد للحلاقه للمضحي 2023
هل يجوز اكل الاضحية كاملة
أيضاً من الاستفسارات التي يتفق عليها جمهور العلماء بتوضيح حكم الأكل من الأضحية على أقوال كثيرة، وقد جاء هذا الاختلاف نتيجة لاختلاف الأضحية بين الوجوب وغير الوجوب، حيث أنه يُستحب أن يأكل المُضحّي من الأضحية غير الواجبة، وذلك وفقاً لما نصت عليه الآية القرآنية ” فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ( سورة الحج)، ووجه الاستدلال من هذه الآية وجوب الأكل من الهدى، والأضحية غير الواجبة تدخُل في الهدي. أما الأضحية الواجبة؛ فقد اختلفوا في تجويز الأكل من الأضحية أم لا، فقال بعضهم بعدم جوازه، لأن الواجبة قد نذرها لله؛ فلا يجوز الأكل منها، وقال البعض يجوز أن يأكل منها؛ فالمسألة محلّ خلاف بين العلماء.
ومن خلال هذه السطور، ننتهي من مقال اليوم، الذي تناول بين سطوره أهم المعلومات والأحكام الشرعية الخاصة بالأضاحي، حيث انها من أكثر التساؤلات التي تدور بين المسلمين في هذه الأوقات، لمعرفة الأحكام وإتمام الأُضحية وفقاً لها.