هل يجوز الصيام بدون سحور، وهو من أكثر التساؤلات المطروحة من قبل المسلمين باقتراب شهر رمضان المبارك، كَونها من الشعائر الرمضانية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بها أنبيائه، ومقال اليوم يتناول الحكم الشرعي، لوجوبه أو عدمه، من خلال الاستناد على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية لتفسير التساؤل، ونتابع السطور الآتية كي نرى هل يجوز الصيام بدون سحور، أم لا.
ما هو السحور وما هو وقته
وقبل التطرق الى الحكم الشرعي للسحور في رمضان، يجب معرفة هل يحل للمسلم الصيام بدون وجبة السحور أم لا، لا بد من بيان معنى السحور بالاضافة الى تحديد أوقاته الشرعية، وهو عبارة عن أكل الطعام في وقت السحر من الليل، والسّحور بفتح السين هو طعام السحر وشرابه، وهو اسم ما يتسحر به المسلم ويأكله في وقت السحور، ويسنّ للمسلمين أن يؤخّروا سحورهم لما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ: تَسَحَّرَا فَلَمَّا فَرَغَا مِن سَحُورِهِمَا، قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الصَّلَاةِ، فَصَلَّى، قُلْنَا لأنَسٍ: كَمْ كانَ بيْنَ فَرَاغِهِما مِن سَحُورِهِما ودُخُولِهِما في الصَّلَاةِ؟ قالَ: قَدْرُ ما يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً”. والله ورسوله أعلم.
شاهد أيضاً: قائمة تسوق صحية لشهر رمضان 2023
هل يجوز الصيام دون السحور
وهو السؤال الذي يراود عقول الصائمين، ممن يكون لهم المقدرة على تحمل الصيام دون تناول وجبة السحور، وبعد الاطلاع على تعريفه ووقته، يجوز أن يصوم المسلم بدون سحور كما ذكر العلماء، ولا حرج عليه صيامه وصيامه صحيح، ولكن ترك السحور مكروه لترك المسلم إحدى سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “فَصْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ”، ففي الصيام الفريضة يتسحر المسلم وفي النوافل كذلك، وله أن يتسحر بما تيسر له من الطعام والشراب المباح، ولو لم يتسحر فلا حرج عليه وصومه صحيح والله ورسوله أعلم.
حكم السحور في رمضان
وبعد الاطلاع على حكم الصيام دون سحور، هنا نتطرق الى الحكم الشرعي له، كما أوضحه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية الشريفة، حيث أنّ السحور سنّة مستحبّة في الإسلام لمن أراد الصيام، وهو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يفعله ويأمر أصحابه رضوان الله عليهم بفعله، ومن الأدلة في ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تَسَحَّرُوا؛ فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً”، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك بابًا من أبواب الخير في الدنيا والآخرة إلا أرشد الناس إليه، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالسحور لبركته ولفائدته، وذهب أهل العلم بالإجماع أنّ السحور سنة مستحبة ونقل الإجماع على ذلك ابن المنذر والقاضي عياض وابن قدامة والنووي والعيني.
حكم التخلي عن السحور في رمضان
مع بيان هل يجوز الصيام بدون السحور، وعلم المسلم بحكم السحور في الإسلام، وهي سنة وليست شرط للصيام؛ لأن حكمة السحور تقوية الصائم على على الأعمال الجسدية دينيًا ودنيويًّا أثناء صيامه، فالإنسان يضعف ويقل نشاطه لو طال جوعه، وللنفس حقٌ على العبد، ولها أن يتسحر فيتقوى بسحوره، لكنّ ترك السحور لا حرج فيه والصوم مع ذلك صحيح، ولا يلزم المسلم أن يعيد الصيام أو يتسحر مفروضًا عليه، لكنّه يخسر أجر وبركة السحور ويخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنّته، والأفضل للمسلم أن يتحرّى الخيرات في شهر الصيام والله أعلم.
حكم السحور في الاسلام
إن مسألة جواز الصيام بدون السحور من الأحكام الشرعية العديدة المتعلقة بالسحور، والتي شرحها العلماء وعالجوها شرعاً، ومن أهم أحكام السحور ما يلي:
- حكم تأخير السحور: تأخير السحور من السنة الشريفة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “مازال الدين ظاهرًا ما دام الناس يعجلون بالصيام يؤخرون اليهود والنصارى”.
- أقلّ ما يحصل به السحور: يحصل السحور ولو بشربة ماء، وللمسلم أن يقلل الأكل فيه أو يكثره فلا تحديد في ذلك والله أعلم.
- الحكمة من مشروعية تأخير السحور: الإعانة على الصوم ومخالفة أهل الكتاب، ومخالفة عباداتهم التي يتقربون بها إلى الله.
- وقت السحور: يبدأ وقت السحور من بعد منتصف الليل إلى طلوع الفجر والأفضل تأخيره لنهاية وقته.
- حكم السحور مع الشك في بقاء الليل: الأفضل ترك السحور ولو شك في صيامه عند أكثر العلماء.
فضائل السحور
وهنا يدور الحديث عن أثر السحور في حياة الصائم، بعد التعرف على هل يجوز الصيام بدون سحور، ونتطرق إلى فضائل السحور التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:
- السحور عبادة عظيمة، وهدية للنبي صلى الله عليه وسلم.
- السحور مخالف لأهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين حرمهم الله من هذه العطية العظيمة، فلم يأكلوا في العبادة في هذه الأوقات.
- السحور تقوية للعبد وزيادة في نشاطه وقوة بدنه على الطاعات والعبادات في نهار الصوم، ولو تركه لكان في ذلك مشقة على المسلمين، فمنهم من لا يحتمل البقاء طويلًا من غير طعامٍ وشراب.
- السحور سبب لاستيقاظ المسلم في وقتٍ مبارك يتنزل به الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بنور وجهه، فيغفر لعباده المستغفرين ويعطي السائلين ويستجيب للداعين.
- إنّ بالتسحر يستحضر المسلمون رحمة الله تعالى بعباده فهو لو شاء أمرهم بالوصال، وكان ذلك عليهم فيه مشقة، لكنّه رحيمٌ رؤوف بالمسلمين سبحانه وتعالى.
- إنّ الله وملائكته يصلّون على العبد ما دام في سحوره وبهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح.
هل يجوز الصيام بدون سحور، كانت هذه أهم العناوين التي يجب على المسلم الاطلاع عليها، باقتراب دخور شهر الصيام والحرص على وجبة السحور للعديد من الأسباب والفضائل، تلك الواردة في السطور أعلاها، والى هنا ننتهي من المقال ونصل الى الختام