متى يكون الاستعجال محمودا وأمثلة على الاستعجال، إن الكثير يصدق المقولة الشهيرة في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، وهذا ما يمكن القول فيه بأن الاستعجال في الندم الكبير على الشيء الذي قام فيه الفرد، لكن هناك بعض الحالات التي يكون فيه الاستعجال محمودا والذي يعتبر من أهم الأمور التي يزداد الاهتمام بها حيث إن الشريعة الإسلامية أوضحت الكثير من النقاط حول الاستعجال وهل هو محمود أم لا، لذلك هنا يمكننا توضيح أهم الأمور المتعلقة بهذا الموضوع متى يكون الاستعجال محمودا وأمثلة على الاستعجال بشكل مفصل وواضح.
في العجلة الندامة وفي التأني السلامة
إن مقولة في العجلة الندامة وفي التأني السلامة من أبرز المقولات المشهورة والتي قالها الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد توالت عبر الأجيال حيث إنها تعرف فيها الكثير من الحكمة والعقلانية، وقد بينت هذا حكمة الإمام علي كرم الله وجهه، فمن هنا دعوة للكثيرين عدم الاستعجال في الأمور الدنيوية حيث إن في العجل ندم وحسرة، بينما التأني فيها السلامة والرأي الصواب.
شاهد أيضا: متى يكون خفقان القلب خطير والحل السريع له
نظرة الدين الإسلامي للاستعجال
إن الدين الإسلامي له نظرة ثاقبة في الكثير من الأمور الدنيوية التي يعيشها المرء، فالإنسان مخلوق بطبيعته يستعجل الأمور ويحب الاستكشافات المختلفة، وهنا يمكننا توضيح نظرة الدين الإسلامي للاستعجال وما يتم ذكره في الشريعة الإسلامية تتمثل في:
- إن طبيعة الإنسان كما أخبر الله سبحانه وتعالى: ﴿خلق الإنسان من عجل﴾، فالإنسان بطبيعته عجول.
- والنفس بطبيعتها مندفعة، وهذا أمر جعله الله سبحانه وتعالى لحكمة عظيمة.
- في أن يكون للإنسان هذا الطبع وهذه الصفة والغريزة؛ بدليل أن بعض الأنبياء لم يسلم منها في بعض المواقف.
- فهذا سيدنا موسى عليه السلام قصته مع الخضر واضح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله موسى؛ لو لم يعجل لقص من حديثه غير الذي قص).
- وقال الله عنه: ﴿وما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى﴾.
- وسيدنا يوسف عليه السلام تعجل الخروج من السجن حين قال للغلام: ﴿وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين﴾.
- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله يوسف؛ لولا الكلمة التي قالها: ﴿اذكرني عند ربك﴾.
- ما لبث في السجن ما لبث، ورحم الله لوطا؛ إن كان ليأوي إلى ركن شديد؛ إذ قال لقومه: ﴿لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد﴾. قال: فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه).
- إذا فهي صفة الإنسان الذي يسابق القضاء، إلا أن يتصل بالله فيثبت، ويطمئن، ويكل الأمر لله، فيرضى ويسلم ولا يتعجل.
- ومن عجلة الإنسان: أنه ربما يستعجل في سؤال الله ما يضره، كما يستعجل في سؤال الخير، ولو استجاب له ربه لهلك بدعائه.
- ولهذا قال سبحانه: ﴿ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون﴾.
متى يكون الاستعجال محمودا
يعد الاستعجال من الأمور التي يعتقد البعض بأنه شيء قد يجعل الإنسان يندم، وهو بالفعل بعض الأمور التي إذا استعجل بها الفرد ندم عليها، لكن هناك أمور الاستعجال فيها محمود وهذا ما وضحت فيها الشريعة الإسلامية وبينت ما يجب الاستعجال بها وما يجب التأني، فمن الحالات التي يمكن الاستعجال فيها:
- في المسارعة في أمور الخير وأعمال الآخرة وطاعة الله سبحانه وتعالى.
- فقد قال تعالى في محكم تنزيله: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}.
- فيستحب للمسلم أن يستعجل بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وهي من الأمور التي لا تحتاج إلى تسويف.
- فالموت يأتي بغتة، ويستحب أن يستعجل المسلم بأداء الحقوق لأصحابها.
- والاستعجال في أداء الدين لخطورته، والاستعجال في أداء فريضة الحج.
- وتعجيل الفطر في رمضان، وغيرها مما يتسابق المسلمون فيه إلى طاعة الرحمن.
- في حالات الخير والعبادة والإصلاح بين الناس فيما يرضي الله، وعمل الخير، والصدقة، وكل عمل وهب لوجه الله وطاعته وحده لا شريك له، ابتغاء مرضاته.
شاهد أيضا: متى يكون جفاف الحلق خطير دواعي العلاجات الحلقية
الأمور التي يكون الاستعجال محمودا فيها
الكثير من الأمور التي يكون فيها الاستعجال محمود بل ويجب فيها الاستعجال، وذلك لما لها فائدة كبيرة في حياة الفرد وقد وضح العلماء والفقهاء تلك الأمور التي تم توضيحها في الشريعة الإسلامية، ومن الأمور التي يستحب الاستعجال فيها تتمثل في:
- الاستعجال والمسارعة إلى امتثال أوامر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم.
- فامتثال أوامر الله ورسوله لا يحتاج إلى تريث أو تمهل لأنها خير كلها.
- لذلك قال تعالى: {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين}.
- قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
- ثم الاستعجال والمسارعة في التوبة إلى الله
- يقول تعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما}.
- أيضا الاستعجال في أداء الحقوق ورد المظالم إلى أهلها
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه
- أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل ألا يكون دينار ولا درهم.
- إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه).
- كذلك الاستعجال في أداء الدين لخطورته
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه).
- أيضا العجلة في أداء فريضة الحج
- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تعجلوا إلى الحج – يعني: الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له).
ما هي أسباب الاستعجال
إن الكثير من الأسباب التي تدفع الفرد للاستعجال والأمور التي تجعله يتحمس لموضوع معين، وتعتبر تلك من أهم الأمور التي تجعل الفرد متحمس لاستعجال أمر قد يعني له الكثير خاصة الأمور الدينية، فمن الأسباب التي تدعو للاستعجال تتمثل في:
- الدافع النفسي: فقد لا يستطيع الشخص من ضبط الذي اعتادت على العجلة بجميع أمور الحياة اليومية.
- الحماس: أو الإيمان الزائد، فقد يؤدي الإيمان القوي المتمكن من النفس بتوليد طاقة ضخمة ما لم يستطع الشخص السيطرة عليه وتوجيهه إلى أعمال قد تؤذي أكثر مما تفيد، وتضر أكثر مما تنفع، ولعل هذا هو السبب في توجيه الله تعالى لنبيه بعدم الاستعجال.
- طبيعة العصر: لأننا نعيش في عصر السرعة والعجلة، وكل شيء يتحرك فيه بسرعة هائلة وكبيرة.
- مما يحمل الكثير من الناس على الاستعجال لمواكبة كل ما هو جديد وحديث.
- شيوع المنكرات مع الجهل بأسباب تغييرها: ذلك لأن الإنسان لا يتحرك في هذا الوقت لا يتحرك حركة إلا وقد أحاطت به المنكرات.
- وواجب المسلم تغير هذه المنكرات وإزالتها، غير أن البعض يستعجل في محاولة إزالة وتغيير هذه المنكرات.
- العجز عن تحمل المشاق: فالكثير من الأشخاص يملكون الجرأة والشجاعة لعمل وقتي.
- ولو أدى به ذلك إلى الموت، ولكنهم لا يملكون الصبر والجلد للاستمرار في هذه الأعمال، فيكون استعجالهم بلا فائدة.
مظاهر الاستعجال ومتى يكون الاستعجال محمودا
الاستعجال له مظاهر كثيرة تظهر في تصرفات الناس وأفعالهم، حيث إنهم يفعلون الغير متوقع في كثير من الظروف قد تكون أمور جيدة للغاية، وقد تكون أفعال سلبية قد تؤدي إلى شعور الفرد بالندم على ما فعل، ومن مظاهر الاستعجال تتمثل في النقاط التالية:
- ضم أشخاص إلى قافلة الدعاة قبل الاستيثاق، والتأكد من مواهبهم، وقدراتهم، واستعداداتهم.
- كذلك الارتقاء ببعض الدعاة إلى مستوى رفيع قبل اكتمال نضجهم، واستواء شخصيتهم.
- بالإضافة إلى ذلك القيام بتصرفات طائشة صغيرة تضر بالدعوة، ولا تفيدها.
شاهد أيضا: متى يكون ألم الرقبة خطير جداً لدرجة الموت
أمثلة على الاستعجال المحمود ومتى يكون الاستعجال محمودا
هناك الكثير من الأمثلة التي يمكن لها أن تأتي بنتائج جيدة على إثر الاستعجال ولذلك سمي استعجال محمودا وذلك ما فيه من فوائد تعود على الفرد على الصعيد الدنيوي، والارتقاء بالدين الإسلامي لذلك تحدث الفقهاء عن هذا النوع من الاستعجال:
- هي الاستعجال في التوبة والإنابة إلى الله تعالى، فموضوع الإقلاع عن الذنوب والمعاصي.
- وإعلان العودة إلى الله تعالى بالندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى طريق الموبقات.
- كذلك المبادرة إلى فعل الطاعات واستبدال السيئات بالحسنات …. لا يحتمل أي تأخير أو تأجيل.
متى يكون الاستعجال مذموم
الاستعجال في الدين الإسلامي يعتبر من الأمور التي توسط في وصفها فلم يذمها ولم يمدحها، فإنما جاء بالجزء المحمود من الاستعجال ووضحه للناس، وجاء بالاستعجال المذموم ووضحه كذلك للناس فمتى يكون الاستعجال مذموم والتي تتمثل في:
- يكون الاستعجال المذموم في العجلة بالدعاء بالشر أو بقطيعة الرحم والاستعجال بتمني الإجابة،
- فقد يحدث أن يدعو الإنسان بالشر على نفسه أو ولده وهو من الأمور التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها.
- كذلك استعجال الاستجابة كذلك من الأمور المنهي عنها، والعجلة في الصلاة لا تجوز بل يجب الاطمئنان والسكينة فيها.
- ومن الاستعجال المذموم استعجال الصالحين أن يصلح الناس ويتغير واقعهم.
- ومما نهي عنه في الاستعجال أن يحكم الإنسان على غيره قبل أن يتثبت.
- ومنها الاستعجال في طلب العلم، والتعجل على الرزق ونحو ذلك.
صور الاستعجال المذموم
للاستعجال صورا كثيرة خاصة الاستعجال المذموم الذي قد تصدق فيها مقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهي في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، فكلما تأنى الفرد في قراراته أوصلته للصواب وكذلك استعجال محمودا، لكن من صور الاستعجال المذموم:
- الاستعجال عند الدعاء.
- أيضا الاستعجال في الصلاة.
- كذلك استعجال بعض الدّعاة ورجال الدّين في تغيير الناس وإصلاح واقعهم.
- ثم استعجال الحكم قبل التثبّت.
- بالإضافة إلى ذلك الاستعجال في طلب العلم.
- أخيرا الاستعجال على الرزق.
شاهد أيضا: متى يكون ارتفاع السكر خطر أسبابه وأعراضه
من آثار الاستعجال السيئة
إن مظاهر الاستعجال سواء في الارتقاء ببعض الدعاة لمستوى رفيع قبل اكتمال نضوجهم أو القيام بتصرفات طائشة تودي بالدعوة إلى ما لا ينفع، كل هذه لها آثار تنتج عنها، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية تماما فمن آثار الاستعجال السيئة تتمثل في النقاط التالية:
- الفتور حين يتأخر تحقيق الأهداف الكريمة التي يدعو إليها، أو يتحقق بعضها ويتخلف أكثرها.
- مع أن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع: “.. وإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل”.
- وقد تؤدي إلى موته غير كريمة، وذلك حين لا يكون من ورائها عائد أو ثمرة، وهنالك تكون المسؤولية.
- والمعاتبة بين يدي الجبار الأعلى، يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، والأمر يومئذ لله، والواقع خير شاهد.
- تعطيل العمل، أو على الأقل الرجوع به إلى الوراء عشرات السنين، وذلك فيه ما فيه من استمرار تدنيس الحياة.
- والمضي في الاعتداء على الدماء والأموال والأعراض، وزيادة وضع الأحجار والعقبات على الطريق.
- فمن استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه.
سبل الوقاية من الاستعجال المذموم وعلاجه
هناك العديد من الطرق والسبل التي تقي الفرد من الاستعجال المذموم ومن مظاهره وآثاره التي لا تفيد بشيء، كما ويمكن علاج هذا الأمر بشكل فعال لذلك يمكننا هنا توضيح سبل الوقاية من الاستعجال المذموم وعلاجه والتي تتمثل في النقاط التالية:
- إمعان النظر في الآثار والعواقب المترتبة على الاستعجال؛ فإن ذلك مما يهدئ النفس، ويحمل على التريث والتأني.
- دوام النظر في كتاب الله عز وجل؛ فإن ذلك يبصرنا بسنن الله في الكون، وفي النفس، وفي التشريع.
- ومع العصاة والمكذبين، والبصيرة بهذه السنن تهدئ النفس، وتساعد على التأني والتروي.
- قال الله تعالى: ﴿سأريكم آياتي فلا تستعجلون﴾، ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾
- دوام المطالعة في السنة والسيرة النبوية؛ فإن ذلك مما يوقعنا على مقدار ما لاقى النبي صلى الله عليه وسلم من الشدائد والمحن.
- وكيف أنه تحمل وصبر، ولم يستعجل، حتى كانت العاقبة له، وللمنهج الذي جاء به.
- مطالعة كتب التراجم والتاريخ؛ فإن ذلك مما يعرفنا بمنهج أصحاب الدعوات والسلف في مجابهة الباطل.
- وكيف أنهم تأنوا وتريثوا حتى مكن لهم، وهذا بدوره يحمل على الاقتداء والتأسي.
- أو على الأقل المحاكاة والمشابهة على حد قول القائل:
- فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
- إن التشبه بالرجال فلاح
- مجاهدة النفس، وتدريبها على ضرورة التريث والتأني والتروي؛ فإنما الحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله، والرجولة لا تكون إلا بذلك.
- الانتباه إلى الغاية أو الهدف الذي من أجله يحيا المسلم؛ فإن ذلك يحول دون الاستعجال.
- ويحمل على إتقان المقدمات، والوقوف عندها، وعدم تجاوزها إلى النتائج.
شاهد أيضا: متى يكون الحيوان مهدد بالانقراض وسٌبل حمايته
آفات الاستعجال في حياة المسلمين
هناك كثير من الآفات التي تحدث نتيجة للاستعجال وهي كثيرة لكن يمكن القول في بعض الآفات الخطيرة التي قد تدمر مجتمع بأكمله، وقد نهى الدين الإسلامي عن تلك الآفات التي توصل الفرد إلى الهاوية ومن آفات الاستعجال في حياة المسلمين:
- استعجال بعض الناس للشهوة المحرمة، وإيثارهم الدنيا العاجلة على الآخرة الآجلة.
- كما قال الله: ﴿كلا بل تحبون العاجلة﴾، وتلك والله آفة خطيرة، يكفي أن تعلم يا بن آدم.
- أن الذي أخرج أباك آدم من الجنة، أنه استعجل الأكل من الشجرة التي نهي عنها.
- فأكل منها هو وزوجه، فأخرجهما الله من الجنة.
متى يكون الاستعجال محمودا وأمثلة على الاستعجال، وهنا نكون قد وضحنا كل ما يتعلق بموضوع الاستعجال بشكل عام منها الاستعجال المحمود والمذموم وصور كل منهما ومظاهر الاستعجال والآثار الناتجة عنه، كما وقد تطرقنا لمعرفة الآفات المدمرة للمجتمع المسلم والتي تعتبر من أخطر الآفات على الإطلاق.