هل يجوز الترحم على المسيحي بعد موته، من أكثر الأمور المتصدرة للرأي العام بين الشعوب العربية، وعبر منصات التواصل الاجتماعي مؤخراً، لمعرفة الرؤية الشرعية في فتوى الدعاء بالرحمة لمن هم بديانة غير ديانة الإسلام، ومقال اليوم سوف يتناول التوضيح الكافي لأهم الأمور المطروحة في السياق، كي نرى هل يجوز الترحم على المسيحي بعد موته، وما هي الأدلة الشرعية على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية.

هل يجوز الترحم على المسيحي بعد موته

ووفقاً لما أشار إليه علماء الدين الإسلامي أن المسيحي يشمله حكم الكافر، وإن مات وهو على تلك الديانة؛ فإنه لا يجوز الترحم عليه في موته، بتبرير أن الرحمة شاملة للمسلمين فقط دوناً عن غيرهم، والترحم من الدعاء والدعاء للمين بعد موته جميعها أمور خاصة بديانة الإسلام، وكما ورد عن الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ”.

وبالتالي فإن الترحم على المسيحي لا يجوز شرعاً، وأموات الكفار جميعهم لا يجوز الدعاء لهم بالرحمة، سواءً كانوا من اليهود أو من النصارى أو من أي ديانة أخرى غير ديانة الإسلام، والدليل من القرآن الكريم قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}.

إن الله تبارك وتعالى أرسل النبي صلى الله عليه وسلم للناس كافة، ووجب على كل من علم بدعوته -صلى الله عليه وسلم- أن يؤمن به، وإن مات ولم يؤمن به فهو قد مات كافرًا، وكان جزاؤه أن يدخل النار عقابًا له على كفره بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولأن اليهود والنصارى يجب عليهم دخول الإسلام والإيمان بما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، فمن لم يؤمن بالنبي، فليس بمؤمن وهو من أهل النار حتى لو ادّعى أنه يؤمن بالله وببعض الرسل كالنبي موسى عليه السلام.

شاهد ايضا: هل يجوز الترحم على غير المسلم لابن باز

هل يجوز الترحم على موتى غير المسلمين إسلام ويب

إن الترحم على غير المسلم غير جائز في الإسلام، بل يُعد هذا الأمر اعتداء على الدعاء، وكان ورد عن الشيخ ابن تيمية يقول وفقاً لما ورد في قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}، في الدعاء، كما ووضح أن الترحم على غير المسلم هو اعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، والله تعالى أعلم وأعلم.

هل يجوز التعزية بموتى الكفار من اليهود والنصارى

أوضح علماء الأمة الإسلامية أن التعزية في موتى الكفار أمر جائز لا حرمانية فيه، سواءً كانوا من أهل الكتاب أو غيرهم، وقد ذكر ابن قدامة في كتابه “المغني”: “أن المسلم إذا عزّى كافرًا بمسلم قال: “أحسن الله عزاءك وغفر لميتك” ، وإذا عزّى كافرًا بكافر قال: “أخلف الله عليك، ولا نقص عددك”، وإذا عزّى مسلمًا بكافر قال: “أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك”، فيجوز حضور العزاء والتعزية بالكافر سواءً من النصارى أو اليهود ولكن من دون الدعاء له بالمغفرة أو الرحمة، حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستغفار لعمه أبي طالب الذي كان أحسن الناس معه.

معاملة النبي لأهل الكتاب

وبالرجوع الى سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، نجد أنه كان يتعامل مع أهل الكتاب معاملة حسنة، بالرحمة والرأفة والمودة،ولكن هذا الأمر لا يبيح جواز الترحم على الكفار من مسيحي أو يهودي بأي حال من الأحوال، لأن الله تعالى هو أرحم الراحمين، وقد نهى نبيه من بعده أن يستغفر للمشركين من اليهود والنصارى، ولو كانو أولي فربى، وأما الدعاء للكافرين في حال حياتهم بالهداية والصلاح رغبة في تحبيبهم بالإسلام أو رغبة في إسلامهم فإنه جائز شرع، وقد دعا النبي عليه الصلاة والسلام، لبعض قبائل الكفار بالهداية.

دار جدل واسع بين المسلمين في الفترة الأخيرة، بشأن جواز الترحم على الكفار من عدمه، ولكن علماء الإسلام أوضحوا هذه الفتوى للعموم، لتجنب إثارة البلبلة والجدل الغير هادف في هذا الأمر، لنصل الى نهاية المقال وختامه بعد توضيح هذه المعلومات.