تفسير ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها، الآية الكريمة الواقعة في سورة النساء، وهي سورة مليئة بالأحكام التشريعية، المنظمة للشؤون الداخلية والخارجية للمسلمين، كما وتتناول الكثير من الأمور الهامة بالنسبة الى المرأة والبيت والأسرة والدولة، لكن المحور الأساسي فيها يدور حول النساء، نتابع في مقال اليوم توضيح معنى احدى الآيات فيها، من خلال تفسير ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها.

تفسير ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها

تفسير ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها

سميت سورة النساء بهذا الاسم، لحديثها الشامل عن الكثير من الأحكام المتعلقة بالنساء، أبرزها طريقة تعامل الأزواج مع زوجاتهن، ونصيبهن من الميراث، وبهذا فهي حفظت لهن الحقوق، ويشار الى أن سورة الناسء يُطلق عليها سورة النساء الكبري، والطلاق تعرف بسورة النساء الصغرى، وبهذا تميزت السورتين عن بعضهما البعض، وهنا ننتقل الى التفسير الموجز والوصف الشامل لمعنى الآية الكريمة، كما في هذا النحو:

من التفسير الميسر للآية 58 من سورة النساء:

  • أي إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات، التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها، فلا تفرطوا فيها، ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط، إذا قضيتم بينهم، ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه، إن الله تعالى كان سميعًا لأقوالكم، مُطَّلعًا على سائر أعمالكم، بصيرًا بها.

معنى وتأويل الآية 58 من تفسير الجلالين:

«إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات» أي ما اؤتمن عليه من الحقوق «إلى أهلها» نزلت لما أخذ عليّ رضي الله عنه مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة الحجبي سادنها قسرا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح ومنعه وقال لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برده إليه وقال هاك خالدة تالدة فعجب من ذلك فقرأ له عليُّ الآية، فأسلم وأعطاه عند موته لأخيه شيبة فبقي في ولده والآيةُ وإن وردت على سبب خاص فعمومها معتبر بقرينة الجمع «وإذا حكمتم بين الناس» يأمركم «أن تحكموا بالعدل إن الله نعمَّا» فيه إدغام ميم نعم في ما النكرة الموصولة أي نعم شيئا «يعظكم به» تأدية الأمانة والحكم بالعدل «إن الله كان سميعا» لما يقال «بصيرا» بما يفعل.

شاهد ايضا: ما هي الاية التي جمعت كل حروف اللغة العربية

تفسير ربع إن الله يَأْمُرُكُمْ أن تؤدوا الأمانات

في تفسير السعدي ورد توضيح معنى ودلالة ربع الآية الثامنة والخمسون من سورة النساء، بما يتعلق بالأمانة وكيف أوصلى الله تعالى ورسوله كافة المسلمين بالحفاظ عليها لأنه مسؤول عنها أمام الله، والتفسير نصاً جاء كالتالي:

“أن الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به، فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله.
وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها.
قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك.
وفي قوله: إِلَى أَهْلِهَا دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها.
وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.
والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به.
ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.

إن الله يَأْمُرُكُمْ أن تؤدوا الأمانات إلى أَهْلِهَا سبب النزول

حتى وان لم يورد علماء التفسير سبب واضح بعينه لنزول هذه الآية الكريمة من سورة النساء، الا أنها عامة شاملة لكل أمانة، والعبرة هنا كما أوضح العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهي القاعدة الأساسية المقررة بين قواعد علم الأصول في الشريعة الاسلامية، وحول ما جاء من تفسير لقوله تعالى ان الله يامركم ان تؤدوا الأمانات الى أهلها:

  •  جاء فيها الأمر بإرجاع مفاتيح الكعبة إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه هي سورة النساء، فقد أخرج ابن جرير في التفسير وغيره.
  • قال: نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح.

رد الأمانات إلى أهلها

في الآية الكريمة من سورة النساء، يخبر الله تعالى عباده أنه يامرهم بأداء الأمانات الى أهلها، ففي حديث نبوي للحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، وهذا يشمل جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله تعال على عباده، من الصلوات، والزكوات، والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه، ولا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع، وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله تعالى بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء.

معنى أد الأمانة إلى من ائتمنك

ووفقاً لما ورد في الدرر السنية، بما يخص أمر الامانة في الاسلام، الذي أوجبه الله تعالى وفرضه على عباده المسلمين ووعد بعقوبة لمن يتهاون بها ويخنها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنكَ ، ولا تخنْ من خانكَ”، أي أن الأمانةُ لاشك أنه خلُقٌ عَظيمٌ مِنَ أهم الأخلاقِ الَّتي حثَّنا الدين الاسلامي عليها، فرَغَّب فيها، وأثْنَى على اتَّصَفَ بها.

وفي هذا الحَديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلّم: “أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ ائتَمَنَك، ولا تَخُنْ مَن خانَك”، والمعنى هنا: أن من وضع عندك أمانة فأدها إليه إذا طلبها، ولا يحملنك جحده لحقك على أن تجحد أمانته ،وفي الحديث جاء الحث على الأمانة في المعاملات وما يخصها.

تناول المقال التوضيح الشامل للآية الكريمة، من معنى وتفسير ودلالالة، بناءً على ما وضعه اهل العلم من تفسير وشروح مستدلين على ذلك بقول النبي عليه الصلاة والسلام، بالاضفة الى سبب نزول هذه الآية المقترح، والى هنا نكتفي بهذا القدر من المعلومات بشأن النص القرآني الوارد.