تراجعت أسعار الذهب بشكل كبير مع بداية شهر فبراير بعد أن تخطت مستوي الدعم النفسي 1900 دولار للأونصة وسجلت أعلى مستوي لها في 10 عشرة خلال شهر يناير.
كان الانخفاض الكبير للذهب في يوم الجمعة الماضية (3 فبراير) مرتبطًا بعدة بيانات وهي بيانات الوظائف بالقطاع غير الزراعي الأمريكية التي جاءت قوية، كما كان مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي مرتفعًا للغاية بأفضل من التوقعات، الأمر الذي دفع الدولار الأمريكي للارتفاع بشكل حاد وانخفض الذهب بنحو 60 دولار ليهبط إلى 1860 دولار متراجعًا بنسبة 2.46% في أكبر انخفاض يومي منذ 13 يونيو 2023، وعلى مدار الأسبوع المنتهي في 3 فبراير سجل الذهب أول تراجع أسبوعي بنحو 3.29% متخليًا عن جميع المكاسب في الأسابيع الثلاثة السابقة.
وعلى الرغم من التراجع الحالي في أسواق تجارة الذهب إلا أن التوقعات لا تزال متفائلة بشأن أسعاره المستقبلية، في ظل استمرار حالة عدم اليقين في الأسواق وتزايد المخاوف من الركود الاقتصادي.
ما هي أسباب ارتفاع أسعار الذهب في بداية 2023؟
يقول أحد محللي السوق إن الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة من كبار مسؤولي البنوك المركزية أثرت بشكل سلبي على المعدن، لهذا فإن أي علامة على تخفيف الموقف من الاحتياطي الفيدرالي ستدعم المعدن أكثر، كما ستضيف المخاوف الجيوسياسية مزيد من الدعم على أصول الملاذ الآمن، ومن جهة أخري، فإن فورة شراء الذهب من البنوك المركزية تعزز معنويات السوق.
هناك ثلاثة عوامل ساهمت في رفع أسعار الذهب في الآونة الأخيرة وهي التباطؤ في وتيرة رفع أسعار الفائدة ومخاوف الركود والشراء المؤسسي.
1 .تباطؤ في وتيرة رفع أسعار الفائدة: لقد كان السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الذهب هو الإشارات من البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حول التباطؤ في وتيرة رفع أسعار الفائدة مع استقرار المؤشرات الاقتصادية الرئيسية والتضخم، ونظرًا لأن الذهب سلعة دولية مسعرة بالدولار الأمريكي فإن تراجع الدولار سيرفع أسعار المعدن الأصفر، وقد تراجع مؤشر الدولار من أعلى مستوى عند 114 نقطة شهده في سبتمبر إلى 103 نقطة.
2 .مخاوف الركود: إن الخوف من الركود في الغرب والتوترات الجيوسياسية ومستويات البطالة لعبت دورها في دعم أسعار الذهب، نظرًا لأنه يعتبر ملاذا آمنا وغالبا ما يجذب الاستثمارات في أوقات عدم اليقين والتباطؤ والركود في الاقتصاد.
3 .الشراء المؤسسي: اشترت البنوك المركزية 50 طناً صافياً من الذهب في نوفمبر، بزيادة 47% مقارنة بشهر أكتوبر، مما أدى إلى زيادة الطلب على المعدن الأصفر.
سعر الذهب سيحافظ على مستوي 1800 دولار
ستدعم حالة عدم اليقين المستمرة في الأسواق المالية العالمية أسعار الذهب في عام 2023، لكن لا ينبغي للمستثمرين توقع قفزات كبيرة في أسواق المعادن الثمينة على الرغم من أن بداية 2023 كانت هي الأفضل منذ عقد.
أصدر البنك الكندي CIBC توقعاته للمعادن الثمينة لعام 2023، وقال المحللون إنهم يرون أن متوسط أسعار الذهب قد يبلغ حوالي 1800 دولار للأوقية خلال العام أي أقل بنسبة 5% تقريبًا من الأسعار الحالية، ويتوقع المحللون أن يمثل الربع الأول ذروة أسعار الذهب هذا العام.
وعلى الرغم من أن تقلبات السوق ستدعم أسعار المعدن الأصفر هذا العام، إلا أن المحللين قالوا إن الموقف المتشدد للبنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في بيئة تضخمية مرتفعة سيدفع في النهاية الأسعار الحقيقية للأعلى خلال العام، ومن جهة أخري، لا يزال هناك عدم يقين بشأن شدة الركود المحتمل وطول مدته لهذا سيحتاج المستثمرون إلى تقييم هذه العوامل مقابل تكلفة اقتناء الذهب في بيئة سعر فائدة مرتفع.
في المناخ الحالي، يتوقع CIBC أن يظل الطلب على الاستثمار في الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب مرتفع على مدار العام، في ظل استمرار ارتفاع الطلب المادي خلال فصل الصيف على الأقل.
تأتي النظرة المحايدة لـ CIBC للذهب حتى بعد أن تجاوز المعدن الثمين توقعات البنك لعام 2023، الذي توقع في العام الماضي أن يبلغ متوسط أسعار الذهب حوالي 1750 دولار، ومع ذلك، بلغ متوسط سعره السنوي 1800.90 دولار للأوقية.
وبرغم ذلك، يقول محللو البنك أن الذهب قد يتفوق في الواقع على توقعاتنا، ولكن بناءً على خلفية استقرار معدلات التضخم وارتفاع الأسعار الحقيقية من الصعب رؤية محفزات ذات مغزى في الأفق توفر المزيد من الدعم لارتفاع الذهب.
يتوقع الاقتصاديون ارتفاع الذهب إلى 2000 دولار في عام 2023، لماذا ؟
بينما يتوقع اقتصاديون أنه مع تباطؤ سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي والتوقف في النهاية عن رفع أسعار الفائدة، من المتوقع أن يخترق سعر الذهب حاجز 2000 دولار / أوقية هذا العام (أو حتى 2100 دولار) ويصل إلى مستوى قياسي، على الرغم من أنه سيكون هناك بعض الصدمات خلال هذه العملية.
مع انحسار الضغط التضخمي في الولايات المتحدة وتوقع السوق أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بإبطاء سياسته النقدية العدوانية، ارتفع السعر الفوري للذهب فوق 1900 دولار للأونصة، بالإضافة إلى ذلك، تُظهر البيانات أيضًا أنه منذ بداية نوفمبر من العام الماضي ارتفعت أسعار الذهب العالمية بنحو 18%.
بالنظر إلى اتجاه أسعار الذهب في عام 2023، سنجد:
1) ارتفاع سعر الذهب إلى 2069.89 دولار في مارس من العام الماضي، أي أقل بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق في عام 2023.
2) مع قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة عدة مرات بقوة، ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية بشكل حاد مما تسبب أيضًا في تضرر سعر الذهب بشدة الذي انخفض إلى 1613.60 دولار في سبتمبر.
إذن ماذا سيحدث لسعر الذهب في عام 2023؟
يقول محللو بنك أوف أمريكا إن ضعف الدولار الأمريكي وتباطؤ أسعار الفائدة على السندات سيساعد على سعر الذهب، ومن المتوقع أن تدفع هذه “الرياح الخلفية” أسعار المعدن الأصفر إلى ما فوق 2000 دولار للأوقية في الأشهر القليلة المقبلة، ومن جهة أخري، قد يشتري المستثمرون الذهب كوسيلة للتحوط ضد التضخم والاضطراب الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن يستمر طلب السوق على أنواع أخرى من الذهب أيضًا في الحفاظ على اتجاه النمو خلال عام 2023.
على سبيل المثال: وفقًا لمجلس الذهب العالمي (WGC)، في الثلاثة أرباع الأولي من عام 2023 اشترت البنوك المركزية العالمية ذهبًا أكثر من أي عام كامل في نصف القرن الماضي، لهذا من المتوقع أن تواصل البنوك المركزية اكتناز الذهب في 2023.
بالإضافة إلى ذلك، قال محللو بنك ANZ أيضًا أن طلب التجزئة على سبائك الذهب والعملات المعدنية يجب أن يظل قوياً أيضًا، مدعومًا بالانتعاش الاقتصادي في الصين أكبر سوق استهلاكي للذهب.