لله عز وجل 99 إسما مباركًا، والكثير من أسماء الله تعالى مذكورة في القران والسنة، وفي كتاب القران هناك أسماء مذكورة أكثر من غيرها تعظيمًا وإجلالاً لله عز وجل، فقد أنزل الله القرآن كتابة هداية للناس أجمعين، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، والإجابة على سؤال اذكر اسماء الله الحسنى ورودا في القران هي : الرحمن الرحيم

 

كتاب هذا الشهر هو كتاب يتناول مسألة من أعظم المسائل وموضوعا من أهم الموضوعات، كتب فيه العلماء قديما وحديثا، وهو أسماء الله الحسنى، فالعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته أشرف العلوم، والكتاب الذي بين أيدينا في مجمله جيد، لكن مع ذلك لم يسلم من بعض المآخذ التي أخذت عليه، وها نحن نعرض الكتاب وأهم الموضوعات التي اشتمل عليها، ثم نثنِّي بذكر أهم هذه المآخذ التي خولف فيها المؤلف.

أولاً عرض الكتاب:

اشتمل هذا الكتاب على مقدمة وأربعة أبواب، فأما المقدمة فقد اشتملت على أهمية الموضوع، وخطة البحث، وأما أبواب الكتاب الأربعة فهذا تفصيلها:

الباب الأول: تمييز الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة.

 وقد اشتمل على الموضوعات التالية:

– أسماء الله الكلية وإحصاء الأسماء الحسنى.

– الجمع بين رواية ابن مسعود ورواية أبي هريرة.

– ظهور الأسماء الحسنى مرتبط بمقتضى الحكمة الإلهية.

– رأي ابن القيم في مقتضى الأسماء الحسنى.

ثم تكلم المؤلف عن شروط الإحصاء وجهود المعاصرين في جمع الأسماء، وذكر خمسة شروط، وهي:

الشرط الأول: ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة.

الشرط الثاني: عَلَمِية الاسم واستيفاء العلامات اللغوية.
الشرط الثالث: إطلاق الاسم دون إضافة أو تقييد.
الشرط الرابع: دلالة الاسم على الوصف.
الشرط الخامس: دلالة الوصف على الكمال المطلق.
ثم ختم هذا الباب بمبحث سماه: اللؤلؤة الفضلى في نظم أسماء الله الحسنى. وآخر بعنوان: الأسماء المدرجة في الروايات وتمييزها بشروط الإحصاء.
وأما الباب الثاني فعنوانه: الإيمان بأسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة.

وقد اشتمل على:

– منهج السلف في العقيدة وأثره في الإيمان بأسماء الله الحسنى.

– موقف السلف ممن عطل دلالة الأسماء على الصفات.

– أزلية الأسماء والصفات الإلهية.

– القول في مسألة الاسم والمسمى.

– دلالة الأسماء على العلمية والوصفية.

– جلال أسماء الله الحسنى.

– اسم الله الأعظم ودلالته على الصفات.

– قصص واهية حول الاسم الأعظم.

– الروايات الثابتة في الاسم الأعظم.

– دلالة اقتران الأسماء الحسنى على الصفات.

– هل الأسماء مشتقة من الصفات أم العكس؟

– أنواع الدلالات وتعلقها بالأسماء والصفات.

– موقف المسلم من الأسماء المشهورة التي لم تثبت.

وأما الباب الثالث فهو: الدعاء بأسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة.
وقد اشتمل على:

– دعاء المسألة والعبادة لغة واصطلاحا.

– المقصود بدعاء المسألة ودعاء العبادة.

– دعاء المسألة أعلى أنواع التوسل إلى الله.

– أنواع دعاء المسألة وتعلقها بالأسماء الحسنى.

– آداب دعاء الله بأسمائه دعاء مسألة.

– الشرك في الدعاء والإلحاد في الأسماء.

– دعاء العبادة ومقتضى الأسماء الحسنى.

– التفاضل والتكامل بين دعاء المسألة ودعاء العبادة.

– حكم تسمية العباد بأسماء الله الحسنى.

وقد تناول في الباب الرابع: مراتب الإحصاء لكل اسم من الأسماء.

والذي اشتمل على دراسة لكل اسم من الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة، وقد تضمنت خمسة أمور:

– الدليل على ثبوت الاسم وإحصائه.

– شرح الاسم وتفسير معناه.

– دلالة الاسم على أوصاف الله.

– الدعاء بالاسم دعاء مسألة.

– الدعاء بالاسم دعاء عبادة.

وفي خاتمة البحث ذكر المؤلف النتائج التي توصل إليها وهي:

– النتائج المتعلقة بتمييز الأسماء وكيفية التعرف عليها.

– النتائج المتعلقة بشرح الأسماء وتفسير معانيها.

– النتائج المتعلقة بدلالة الأسماء على الصفات.

– النتائج المتعلقة بدعاء المسألة.

– النتائج المتعلقة بدعاء العبادة.

– تعقيبات وتعليقات على إحصاء الأسماء الحسنى.

أما الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة حسب الضوابط التي وضعها المؤلف، والتي شملتها هذه الدراسة فهي:

الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ الأَوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ السَّمِيعُ البَصِيرُ المَوْلَى النَّصِيرُ العَفُوُّ القَدِيرُ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ الوِتْرُ الجَمِيلُ الحَيِيُّ السِّتيرُ الكَبِيرُ المُتَعَالُ الوَاحِدُ القَهَّارُ الحَقُّ المُبِينُ القَوِيُّ المَتِينُ الحَيُّ القَيُّومُ العَلِيُّ العَظِيمُ الشَّكُورُ الحَلِيمُ الوَاسِعُ العَلِيمُ التَّوابُ الحَكِيمُ الغَنِيُّ الكَرِيمُ الأَحَدُ الصَّمَدُ القَرِيبُ المُجيبُ الغَفُورُ الوَدودُ الوَلِيُّ الحَميدُ الحَفيظُ المَجيدُ الفَتَّاحُ الشَّهيدُ المُقَدِّمُ المُؤخِّرُ المَلِيكُ المُقْتَدِرْ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ القَاهِرُ الديَّانُ الشَّاكِرُ المَنانَّ القَادِرُ الخَلاَّقُ المَالِكُ الرَّزَّاقُ الوَكيلُ الرَّقيبُ المُحْسِنُ الحَسيبُ الشَّافِي الرِّفيقُ المُعْطي المُقيتُ السَّيِّدُ الطَّيِّبُ الحَكَمُ الأَكْرَمُ البَرُّ الغَفَّارُ الرَّءوفُ الوَهَّابُ الجَوَادُ السُّبوحُ الوَارِثُ الرَّبُّ الأعْلى الإِلَهُ.

وقد رتَّبها المؤلف ترتيباً اجتهاديًّا، حسب اقتران ورودها في النصوص القرآنية والنبوية، وراعى تقارب ألفاظها وسهولة حفظها.

 

ثانياً نقد الكتاب:

إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وليس موضع النقد في الكتاب هو استخراج هذه الأسماء، والبحث عن الثابت منها، ولكن موضع النقد في الشروط والضوابط التي وضعها المؤلف، والتي خولف في بعضها، وادعائه أن هذه الشروط التي ذكرها في إحصاء الأسماء لا تنطبق إلا على تسعة وتسعين اسمًا فحسب، مع تكلفه في إدخال بعض الأسماء إلى جملة التسعة والتسعين، وفوات إدخال أسماء أخر تنطبق عليها الشروط.وسنقتصر على أهم المؤاخذات التي أخذت على هذا الكتاب:

1 – وقوعه في أخطاء تتعلق بعلم الحديث ومنها:

– عدم قبوله للحديث الحسن في باب إثبات الأسماء الحسنى.

قال المؤلف:) ولا يعتمد اعتماداً كاملاً على ما ثبت وخف ضبطه كالحسن؛ لأن الحسن على ما ترجَّح عند المحدثين من رواية الصدوق، أو هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه قليلاً، عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة، ولربما يثير ذلك إنكار البعض، لكنهم لا يختلفون معنا في تطرق الاحتمال إلى ضبط النص، والتيقن منه في لفظ الاسم دون الوصف، ومن ثمَّ لم أعتمد على الحديث الحسن في إحصاء نص الأسماء الحسنى، وإن اعتمدته حجة في إثبات الأوصاف، وشرح معاني الأسماء، وبيان دلالة الاسم على المعنى مطابقة وتضمناً والتزاماً). انتهى.

وهذه قاعدة غريبة لم يذكر المؤلف من سبقه بها. لذا يقول شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)): (وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام).

– رده للحديث الموقوف الذي له حكم الرفع في إحصاء الأسماء.

يقول المؤلف عن اسم الله الأعز: ((أما الأعز ؛ فلم يرد مرفوعاً، وإنما ورد موقوفاً على ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنه: (رب اغفر وارحم أنت الأعز الأكرم). واعتباره الموقوف في حكم المرفوع عند بعض المحدثين لا يكفي لإثباته، وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة)) ا هـ.

فقد ذهب المؤلف إلى أن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع ليس حجة في إثبات الأسماء الحسنى. وهذا قول لا دليل عليه، ولم يسبق إليه، ولا ذكر له سلفاً فيه.

وأما قوله: ((وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة…)). فإن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع يختلف تماماً عن القراءة الشاذة ؛ فالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع، حجة ويجب العمل به، أما القراءة الشاذة فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى عدم حجيتها.
ومع تصريح المؤلف أنه مقلد في تصحيح وتضعيف الأحاديث وخاصة للشيخ لألباني، إذا به يجتهد في قواعد علم الحديث الشريف؛ فلا يحتج بالحديث الحسن، ولا بالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع في إثبات الأسماء الحسنى، مع أن الألباني لم يقل بذلك ولم يذكر المؤلف سلفه في ذلك من المحدثين.

2- اشتراطه في إحصاء أسماء الله الإحاطة بجميع السنة النبوية.

يقول المؤلف: (لأن الشرط الأول والأساسي في إحصاء الأسماء الحسنى هو فحص جميع النصوص القرآنية، وجميع ما ورد في السنة النبوية، مما وصل إلينا في المكتبة الإسلامية، وهذا الأمر يتطلب استقصاءً شاملاً لكل اسم ورد في القرآن، وكذلك كل نص ثبت في السنة، ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية، وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد. اهـ. ثم يقول: (وهذا جهد خارج عن قدرة البشر المحدودة وأيامهم المعدودة).

وهذا الكلام لا دليل عليه، ولم يشترط أحد من العلماء هذا الشرط. وقد أدى اشتراط المؤلف لهذا الشرط إلى القول بأن مسألة الإحصاء أكبر من طاقة البشر، وخارجة عن قدرتهم المحدودة وأيامهم المعدودة !!

ويجاب عن ذلك بأن إحصاء الأسماء الحسنى التسعة والتسعين في وسع كل مؤمن ومقدوره، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قد رغَّب المؤمنين من لدن الصحابة رضي الله عنهم إلى قيام الساعة على إحصائها، مما يدل على أن هذا الإحصاء في طاقتهم وداخل قدرتهم، وهل يرغّب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر خارج عن قدرة البشر ؟!!

ولو كان هذا الإحصاء أكبر من طاقة الإنسان، ولا يستطاع إلا بفرز عشرات الآلاف من الأحاديث، واستخدام الحاسب الآلي، لم يكن لهذا الحديث فائدة بدون الحاسب الآلي، ولقصرت فائدة هذا الحديث على هذا العصر، أو على المؤلف خاصة، وهذا مردود.

ثم إن أحكام الشريعة لا تتوقف على شيء من العلوم الكونية والاكتشافات العلمية، كالحاسب الآلي وغيره. فأحكام الشريعة يستوي في إمكانية معرفتها، والقيام بها جمهور الناس، وهذا مقتضى شمولية دعوة الإسلام لجميع البشر.

وهل يُظن أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان من أهل القرون الثلاثة الأولى المفضلة لم يستطيعوا إحصاء الأسماء التسعة والتسعين؛ لعدم توفر الحاسب الآلي لديهم ؟!

وهل نفهم من ذلك أن الله عز وجل قد حَرَمَ السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهم من هذه الفضيلة وقد شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية في قوله صلى الله عليه وسلم: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)). فهم خير الناس علمًا وعملًا.

وأما قوله: ((ويلزم من هذا بالضرورة فرز عشرات الآلاف من الأحاديث النبوية وقراءتها كلمة كلمة للوصول إلى اسم واحد…)).

فهذا حجة عليه؛ لأنه إذا كان الأمر كذلك، فكثير من السلف الصالح والعلماء المتقدمين كانوا يحفظون أضعاف أضعاف هذا العدد من الأحاديث، فإحصاء الأسماء الحسنى أيسر عليهم بكثير. فهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يقول عنه أبو زرعة الرازي: (كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث. فقيل له: وما يدريك ؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب) وحفظهم السنة بأسانيدها شيء عجيب، يطول المقام بذكره.

فإذا تبين أن الأئمة المتقدمين كانوا يحفظون مئات الآلاف من الأحاديث النبوية والآثار السلفية، تقرر أنهم كانوا أوسع إحاطة للسنة من هذه الموسوعات الإلكترونية؛ لأن هذه الموسوعات التي اعتمد عليها المؤلف في إحصاء الأسماء التسعة والتسعين لا يبلغ ما تحتويه عشر ما حفظه هؤلاء الأئمة وذلك بشهادته هو نفسه، وهذا يدل دلالة واضحة أنهم كانوا أقدر على إحصاء الأسماء الحسنى التسعة والتسعين منا.

وأما قوله: ((إن من دوافع البحث الرئيسية أن باب الأسماء الحسنى يفتقر إلى دراسة علمية استقصائية حصرية تشمل كل ما ورد في الأصول القرآنية والنبوية….. ولما يسر الله عز وجل الأسباب في هذا العصر وأصبح ذلك أمراً ممكنًا بعد أن ظهرت تقنية البحث الحاسوبية، وقدرة الحاسوب على قراءة ملايين الصفحات في لحظات معدودات، أقدمت على البحث وأنا لا أتوقع ما توصلت إليه من نتائج))

فهنا يذكر المؤلف أنه باستخدام البحث عن طريق الحاسوب، أصبح قادراً على عمل دراسة علمية استقصائية حصرية، تشمل كل ما ورد في الكتاب والسنة. وهذا كلام غير صحيح ؛ إذ إنه لا يستطيع أحد مهما أوتي من علم أن يحيط بكل ما ورد في السنة النبوية.

قال الإمام الشافعي رحمه الله: (من قال: إن السنة كلها اجتمعت عند رجل واحد. فسق، ومن قال: إن شيئا منها فات الأمة. فسق) اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)): (إن الإحاطة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن لأحد في الأمة….. وأما إحاطة واحد بجميع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكن ادعاؤه قط…). ا هـ.

كذلك فإنه يوجد عدد كبير من الكتب المخطوطة لم يطبع بعد، ولا توجد بالتأكيد على الموسوعات الإلكترونية، أضف إلى ذلك ما يقع من مشكلات في البحث، مع وجود نسبة من الأخطاء الإملائية في الموسوعات إلى غير ذلك.

3- زعمه أن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة تسعة وتسعون اسماً فقط.

قال المؤلف: ((… ولكن النتيجة التي أسفر عنها البحث يتصاغر بجانبها كل جهد، فقد ظهرت مفاجأة لم تكن في الحسبان، تلك المفاجأة تتمثل في أن ما تعرف الله به إلى عباده من أسمائه الحسنى التي وردت في كتابه وفي سنة رسوله تسعة وتسعون اسما وردت بنصها، كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إجمالاً إلى العدد المذكور في الحديث المتفق عليه، وذلك عند تمييزها عن الأوصاف، وإخراج ما قيد منها بالإضافة أو بموضع الكمال عند انقسام المعنى المجرد وتطرق الاحتمال…)) ا هـ.

ويقال للمؤلف ما الدليل على أن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة تسعة وتسعون اسماً فقط ؟ !

والحديث المشهور الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة)). قد شرحه العلماء بما يدل على أن من أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة، وليس فيه حصر للأسماء الحسنى في هذا العدد.

قال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) في معرض رده على من زعم أنه لا يجوز الدعاء إلا بالتسعة والتسعين اسماً: (… وهذا القائل الذي حصر أسماء الله في تسعة وتسعين لم يمكنه استخراجها من القرآن، وإذا لم يقم على تعيينها دليل يجب القول به لم يمكن أن يقال: هي التي يجوز الدعاء بها دون غيرها؛ لأنه لا سبيل إلى تمييز المأمور من المحظور، فكل اسم يجهل حاله يمكن أن يكون من المأمور، ويمكن أن يكون من المحظور، وإن قيل: لا تدعو إلا باسم له ذكر في الكتاب والسنة، قيل: هذا أكثر من تسعة وتسعين)) ا هـ.

وقال شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)): ((الذين جمعوا الأسماء الحسنى اعتقدوا هم وغيرهم أن الأسماء الحسنى التي من أحصاها دخل الجنة ليست شيئاً معيناً، بل من أحصى تسعة وتسعين اسماً من أسماء الله دخل الجنة. أو أنها وإن كانت معينة فالاسمان اللذان يتفق معناهما يقوم أحدهما مقام صاحبه، كالأحد والواحد، والمعطي والمغني)) ا هـ بتصرف.

فكلام شيخ الإسلام رحمه الله صريح في أن الأسماء المذكورة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسماً.

وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في ((معجم المناهي اللفظية)): (باب الأسماء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللقرآن العظيم توقيفية، لا تكون إلا بنص، وقد جاء في القرآن نحو مائة اسم لله تعالى)) ا هـ.

هذا بالإضافة إلى ما ورد في السنة من أسماء أخرى، فيكون العدد أكثر من تسعة وتسعين، كما هو ظاهر. ومن ذلك يتضح أن أكثر أهل العلم يقولون بأن الأسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين اسماً.

لذلك نجد أن من العلماء من زاد على تسعة وتسعين اسما، ومن هؤلاء:

– ابن منده في كتابه ((التوحيد)) أثبت 148 اسماً.

– البيهقي في كتابه ((الأسماء والصفات)) أثبت 154 اسماً.

– ابن العربي في كتابه ((أحكام القرآن)) أثبت 141 اسماً.

5 – إخراجه لفظ الجلالة “الله” من التسعة والتسعين اسماً.

على حين أن أغلب من كتب فى أسماء الله الحسنى عدَّ من بينها لفظ الجلالة (الله)، إذ يقول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. فسواءً دعا العبد ربه باسم الله أو باسم الرحمن فكلاهما من الأسماء الحسنى.

6- جزمه بأن الأسماء التي قام بإحصائها هي المعنية بحديث: (إن لله تسعة وتسعين اسماً)

إن الجزم بأن هذه الأسماء التي عينها المؤلف هي المرادة في الحديث لا يمكن أن يقطع به أحد، لأن هذا يحتاج إلى دليل ونص صريح. ولو أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يُعينها لفعل.

ثم إنه ألزم الناس بتلك الأسماء التي جمعها وفق الشروط التي اشترطها، وذهب إلى أن تلك الأسماء التسعة والتسعين هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة)).

7- تفسيره لحديث: (إن لله تسعة وتسعين اسماً….) تفسيراً لم يقله أحد قبله.

ذهب المؤلف إلى أن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مطلقًا، وتسعة وتسعين اسماً مقيداً، وجعل ذلك تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا)). فجعل (التسعة والتسعين) هي المطلقة، وجعل (المائة إلا واحدًا) هي المقيدة خلافًا لما قرره العلماء من أن تسعة وتسعين اسمًا فحسب هي التي علق على إحصائها دخول الجنة. وليس للمؤلف دليل على قوله، ولا سلف له فيه.

ثم إن هذا التفسير مخالف لتفسير العلماء الذين ذهبوا إلى أن قوله: ((مائة إلا واحدا)) للتأكيد، وللتنصيص على أنها تسعة وتسعون اسماً، لا تزيد ولا تنقص عن هذا العدد، وحتى لا يقع تصحيف في قوله: ((تسعة وتسعين)) إلى سبعة وسبعين، أو سبعة وتسعين، وما إلى ذلك.
قال الإمام ابن حجر رحمه الله في ((الفتح)): (قال جماعة من العلماء: الحكمة في قوله: ((مائة إلا واحد)). بعد قوله: ((تسعة وتسعون)). أن يتقرر في نفس السامع، جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل، أو دفعا للتصحيف الخطي والسمعي)) ا هـ.

8 – ذهب المؤلف إلى أن الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى التسعة والتسعين ؛ لأن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والكمال

يقول المؤلف: ((من الشروط الأساسية اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم في سياق النص مفرداً مطلقاً دون إضافة مقيدة، أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق، وذلك بأن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه ؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله عز وجل ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن، وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال)) ا هـ.

فكلامه يدل على أن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والجمال، وأسماء الله سبحانه لا نهائية في الحسن والكمال، فلا تكون الأسماء المقيدة أو المضافة من الأسماء الحسنى.

ثم قال في موضع آخر: ((فهذه أسماء مضافة أو مقيدة يصح تسمية الله بها على الوضع الذي ورد في النص كسائر الأسماء المضافة الأخرى، لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة المطلقة التي تفيد المدح والثناء على الله بنفسها)) ا هـ.

فهنا قد أثبت أن الأسماء المضافة أو المقيدة يصح تسمية الله بها على الوضع الذي ورد في النص، وهناك قد قرر أن هذه الأسماء ليست نهائية في الحسن والكمال، فكلام المؤلف ينقض بعضه بعضا ؛ فكيف يدعي أن الأسماء المقيدة أو المضافة ليست من الأسماء الحسنى ؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال. ثم إذا به يثبت لله تسعة وتسعين اسما مضافا.

فمع التناقض الواضح في كلامه ؛ فإنه يدل على أنه يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى بأسماء ليست بالغة في الحسن والجمال.

ثم إن قوله: ((لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة المطلقة..)). قول لا دليل عليه، فما أدراه أن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة دون المقيدة ؟! وإذا ثبت بكلامه أن الأسماء المقيدة أو المضافة هي أسماء لله عز وجل، فما المانع أن تكون من الأسماء الحسنى المعنية في حديث التسعة والتسعين ؟ !
يقول الشيخ عمر الأشقر في معرض رده على من أخرج الأسماء المضافة من دائرة الأسماء الحسنى في ((أسماء الله وصفاته)): (لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، فلا يقر من أخرج من أسمائه تبارك وتعالى: عالم الغيب والشهادة، ومالك الملك، وبديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وغافر الذنب، وعلام الغيوب، وفاطر السماوات والأرض ؛ إذ لا حجة لهؤلاء إلا أن هذه الأسماء مضافة. وهذه ليست بحجة، فما الإشكال في أن تكون أسماء الله مضافة ؟ !…)) ا هـ.

وقد قرر شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) أن في الكتاب والسنة أسماء أخرى غير الأسماء التسعة والتسعين المشهورة التي جاءت مدرجة في حديث الوليد بن مسلم، وعد من تلك الأسماء بعض الأسماء المضافة، فقال:

((ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه: السبوح … وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين)) ا هـ.

وقد أدخل كثير من أهل العلم الأسماء المضافة في جملة الأسماء الحسنى منهم: الإمام الإقليشي، والإمام ابن القيم، والإمام ابن العربي، والحافظ ابن حجر، وغيرهم.
وأخيرا فهذه الشروط التى وضعها المؤلف اجتهادية، وليست من المسلَّمات المتفق عليها أو من المجمع عليه بين العلماء. ويبقى أن المسألة اجتهادية، لن يرفع الخلاف فيها بحث أو اجتهاد، لتبقى الحكمة التي من أجلها أخفي تعيين هذه الأسماء، وهي كالحكمة في عدم تعيين ليلة القدر ليجتهد الناس في عشر ليالٍ بدلاً من واحدة، وكذلك الأمر هنا: علم العلماء أن هذا الباب باب اجتهاد للعلماء يعملون فيه جهدهم.
يقول الحافظ في ((الفتح)) نقلاً عن الفخر الرازى في أنه يجوز (أن يكون المراد من عدم تفسيرها أن يستمروا على المواظبة بالدعاء بجميع ما ورد من الأسماء، رجاء أن يقعوا على تلك الأسماء المخصوصة، كما أُبهمت ساعة الجمعة، وليلة القدر، والصلاة الوسطى) ا.هـ. وقال الإمام ابن العربي المالكي في ((أحكام القرآن)): ((وكذلك أخفيت هذه الأسماء المتعددة في جملة الأسماء الكلية لندعو بجميعها، فنصيب العدد الموعود به فيها)) ا هـ.
فلا سبيل إلى الجزم بتعيين الأسماء التسعة والتسعين، ولكن على المسلم أن يجتهد في إحصاء الأسماء الحسنى في الكتاب والسنة، رجاء أن يكون ممن شملهم الوعد بالجنة الوارد في الحديث الصحيح.
فهذا ما تيسر جمعه مما وُجِّه إلى هذا الكتاب من نقد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.