حكم الإحتفال برأس السنة الهجرية، وهو من أكثر التساؤلات المطروحة والمتداولة بين المسلمين في الفترة الحالية، وهم على أعتاب استقبال عام هجري جديد، وتوديع عام 1444، بما فيه من خير وشر، ويرغب العديد من الأشخاص بالاطلاع على الحكم الشرعي المذكور في هذه المسألة، من قبل أئمة العلم وبالفتوى المبنية على الأدلة الشرعية، من القرآن الكريم والسنة النبوية، ومثال اليوم يطلعكم على حكم الإحتفال برأس السنة الهجرية، بين سطوره الآتية.
حكم الاحتفال في راس السنة الهجرية
لا يعتبر يوم رأس السنة الهجرية في الشريعة الإسلامية عيدًا من بين الأعياد الشرعية التي يحتفل فيها المسلمون، فأعياد المسلمين اثنان، هما عيد الفطر وعيد الأضحى، لذلك قال العلماء إنَّه لا يجوز الاحتفال في رأس السنة الهجرية لأنَّه لم يرد عن السلف الصالح ولم يذكر في الكتاب والسنة النبوية، ولأنَّ الاحتفال بهذا اليوم تقليد لما يفعل المشركون بالله سبحانه وتعالى، فقد ثبت في الجاهلية أنَّ المجوس واليهود والنصارى كانوا يحتفلون في مطلع كلِّ عام، وليس من السُّنَّة أن يحدث المسلمون عيدًا لم يُذكر ولم يرد عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أبدًا، والله تعالى أعلم.
شاهد ايضا: أين أقامت دولة الإمارات الاحتفال الرسمي بعيد الإتحاد الخمسين؟
حكم الإحتفال برأس السنة الهجرية ابن عثيمين
أشار الشيخ ابن عثيمين إلى أن الاحتفال برأس السنة الهجرية لم يرد في السنة وليس لها أصل عن السلف الصالح، وكذلك في حالة التهنئة، ولكن يجوز الرد على التهنئة وليس البدء بالتهنئة.
وهذا يشير الى أنَّ التهنئة برأس السنة الهجرية لا تجوز شرعًا، وهذا ما اتفق عليه علماء المسلمون، فقد جاء عن الشيخ ابن باز أنَّه قال: “فالتَّهنئة بالعام الجديد لا أعلم لها أصلًا عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئًا من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها”، ولا بأس في أن يرد المسلم على تهنئة من بادره بالتهنئة، فلو قال لك أحد: كل عام وأنت بخير في رأس السنة الهجرية، فلا بأس في أن ترد عليه: وأنت بخير أيضًا، مع ضرورة الأخذ بالعلم أنّ هذه التهنئة لم ترد عن السلف الصالح وليس لها أصل في الشرع، والله تعالى أعلم.
آراء العلماء في حكم الاحتفال والتهنئة بالسنة الهجرية
كان للعلماء المسلمين عدّة آراء فيما يخص الاحتفال برأس السنة الهجريّة أو التهنئة بهذا اليوم، ومنهم نذكر رأي العالم ابن باز رحمه الله، والعالم الشيخ محمد صالح العثيمين، وكذلك رأي الشيخ صالح الفوزان، وآرائهم كما يلي:
حكم التهنئة بالسنة الهجرية إسلام ويب
ذكر موقع إسلام ويب على الانترنت أنّ توضيح حكم التهنئة بالسنة الهجرية يندرج في باب العادات وليس باب العبادات، والأصل هنا ألا يبتدئ المسلم التهنئة كما ذكر الإمام أحمد بن حنبل بقوله: “أنا لا أبتدئ أحداً، فإن ابتدأني أحد أجبته، وذلك لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها، ولا هو أيضاً مما نهي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة. والله أعلم”، وهذا هو الصواب في تلك المسألة كما أشار ابن تيمية -رحمه الله- وجمع من علماء أهل السنة والجماعة.
سبب تحريم التهنئة والاحتفال بالسنة الهجرية
يجدر بالعبد أن يلتزم بأوامر الله عزو جل وأن ويبتعد قدر المستطاع عن نواهيه، وطالما اتضح للمسلم أن الاحتفال برأس السنة الهجرية غير جائز؛ فعليه أن لا يحتفل إلا بأعياد غير منصوص عليها في الشريعة الإسلامية؛ لأنّ مَن أتى به هم أصحاب البدع ولا يصح للمسلم أن يتبع أهل الهوى، ويجب أن يكون موقف المسلم من الوقت هو العبرة والعظة؛ لأنّ من ذهب يومه ذهب بعضه ودنا أجله وليس أن يحتفل، والله أعلم بكل أمر.
- إن التهنئة بيوم معين من السنة يعود كل عام، والتهنئة به تلحقه بالأعياد، وقد نهي المسلمون أن يكون لهم غير عيد الأضحى وعيد الفطر.
- أن فيها تشبهًا باليهود والنصارى، وقد أمرنا بمخالفتهم، وكذلك فيها تشبهًا بالمجوس ومشركي العرب، فهم يهنئون بعضهم برأس السنة الميلادية، ورأس السنة العبريّة، ويوم النيروز وغيرها من الأعياد.
- القول بجواز التهنئة والاحتفال بأول العام الهجري، يفتح الباب على مصراعيه للتهنئة بباقي الأيام مثل أول العام الدراسي، يوم الاستقلال، يوم العمال وغيره من الأعياد.
- أنه يفتح باب التهنئة بالعام الميلادي الجديد، لأن أكثر الدول الإسلاميّة مع الأسف تحتفل ببدء العام الميلادي الجديد.
- أن التهنئة بالعام الهجري الجديد لا معنى له أصلاً، فإن التهنئة تكون بتجدد نعمة، أو دفع نقمة.
الأعياد في الإسلام
وفي صدد الحديث عن عدم جواز الاحتفال برأس السنة الهجرية، وإقامة الفعاليات الخاصة؛ لابد من توضيح ما هي الأعياد التي يجوز الابتهاج لها والاحتفال بها، والعيد هو عبارة عن اسم لما يرجع من اللقاء العام على وجه معتاد، وهو مردود بعود السنة، أو الشهر، أو الأسبوع، وقد شرع الله سبحانه وتعالى للمسلمين العيد الصغير، الذي يصادف أول يوم في شهر شوال، تهديد الأضحى الذي يصادف اليوم العاشر من ذي الحجة، إضافة إلى ذلك الجمعة، مصداقًا لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صرح عن الجمعة: “إنَّ ذلك يومٌ جعله اللهُ عيدًا”، وأما ما يؤديه عدد محدود من الناس في ذلك الدهر من الاحتفال بمناسبات وأزمنة محددة غير تلك الأعياد فهذا من الموضوعات المحسنة التي لم تكن في القرون المرئي لها بالخير، وفي ذلك النص ستتم الدلالة إلى حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية.
التقويم الهجري
عقب الجدل الواسع حول حكم الاحتفال برأس السنة الهجرية، يجدر بالذكر إلى أن تاريخ التعديل الهجري، كان فيه العرب في الجاهلية يؤرخون بالأحداث، كما في عام الفيل، أو تشييد الكعبة، أو عام الفجار، وبعد أن أرسل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بات المسلمون يطلقون على سنويا أسماً خاصاً، كعام الحزن، وعام الخندق، وعام التوديع، وعام الرماد.
واستمر هذا الأمر الى أن تولى عمر بن الخطاب رضي الله سبحانه وتعالى عنه قضى المسلمين، واتسعت الفتوحات الإسلامية، وصرت الاحتياج ملحة لترتيب الأعوام، ولما اجتمع الصحابة للتشاور، صرح عمر -رضي الله سبحانه وتعالى عنه-: “ضعوا للناس شيئًا يعرفونه”، فاقترح بعضهم الكتابة على تأريخ الروم، واقترح القلة الآخر الاستعانة بتأريخ الجواد، إلا أن عمر -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- اختار أن يُكتب الزمان الماضي من هجرة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وبدأ العمل بالتاريخ الهجري من العام الـسابع عشر للهجرة.
الشهر الأول من العام الهجري
وبعدما اتفق صحابة رسول الله رضي الله سبحانه وتعالى عنهم، على طليعة التعديل الإسلامي من الهجرة النبوية، تم التشاور فيما بينهم على اختيار شهر معين كبداية للسنة الهجرية، فاقترح بعضهم أن تبدأ السنة الهجرية من شهر شعبان، واقترح فرقة رياضية أخر الطليعة من شهر رمضان، وفي الخاتمة تم الاتفاق على وجهة نظر عثمان بن عفان -رضي الله سبحانه وتعالى عنه- إذ اقترح أن يكون طليعة العام الهجري في شهر محرم، لأنه منصرف الناس من شعيرة فريضة الحج، ولأنه شهر من أشهر الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى ذلك أنه الشهر الذي اختارته العرب لبداية العام قبل الإسلام، وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- شهر الله.
والى هنا ننتهي من مقال اليوم ونصل الى ختام فقراته، والتي تناولنا فيها الحديث عن وجهة نظر الشريعة الإسلامية، وحكمها في من يحتفل ببداية عام هجري جديد، بعدما دار دار جدل واسع بين المسلمين حول هذا الحكم، الا أن الأئمة اتفقوا على أنه أمر غير جائز، ويجب الابتعاد عن البدع وعدم تقليدها.