أقوال السلف عن عشر ذي الحجة، والتي لا يخفى فضلها على أحد من المسلمين، فهي أيام عظيمة فيه الكثير من الخير والبركة، وتحمل في طياتها الرحمة والمغفرة والثواب المضاعف على الاعمال الصالحة، كما أن علماء الأمة الإسلامية أوضحوا كافة الاحكام المتعلقة بهذه الأيام من ذي الحجة، ومقال اليوم يتناول الحديث عن أقوال السلف عن عشر ذي الحجة، وبيان فضلها الكبير.
أقوال السلف عن عشر ذي الحجة
كان السلف الصالح والتابعين يجدون ويثابرون في العبادة والاعمال الصالحة في العشر الأوائل من ذي الحجة، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته المطهرة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة دائمًا، فروت حفصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة “، ويوم عرفة كان بالطبع ضمن تلك الأيام، لكنه صلى الله عليه وسلم اختصه بحديث ذكر فيه أن صيامه يكفر ذنوب سنة ماضية وسنة آتية، فقال: “صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ”، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو أصحابه في هذه الأيام إلى الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد، أي قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
شاهد ايضا: من هو الشيخ محمد هشام طاهري
حال السلف عن عشر ذي الحجة
أقوال السلف، كان الذكر على رأس تلك العبادات خاصة التكبير، فيروي البخاري في صحيحه عن ابن عمر وأبو هريرة أنهما كانا يخرجان إلى السوق في هذه الأيام يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان التابعي الجليل سعيد بن جبير رضي الله عنه إذا دخلت أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه، أي لا يجاريه أو يفوقه أحد، وكان يقول: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر، وقال: يقظوا خدمكم يتسحرون لصوم يوم عرفة.
وقد نوّع الصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح في العبادات في هذه الأيام ما بين الذكر والصوم والاعتمار، فكان الحسن البصري لا يتطوع بأي صيام وعليه قضاء من رمضان إلا في هذه الأيام العشر، وكان يقول: صيام يوم من العشر يعدل شهرين، وكان جابر بن زيد المحدث والفقيه تلميذ ابن عباس رضي الله عنه يعتمر في العشر الأوائل من ذي الحجة.
يقول الداعية السعودي عائض القرني إن عبادة السلف الصالح والتابعين في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة هي التكبير، كما ذكر الحافظ بن حجر في كتاب فتح الباري والقرطبي في تفسيره، ونصح القرني المسلمين بأن ينشغلوا بالتكبير في هذه الأيام ليلًا ونهارًا قيامًا وقعودًا وفي كل أحوالهم، فيكبرون: “الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد” أو :”الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا” بصوت ووجل ودوي، حسب تعبيره، قائلًا ان التزام الذكر في هذه الأيام فثوابه مضاعف وجزيل وتعظيم الله يظهر في التكبير، وكذلك نصح المسلمين بالذكر والتكبير بعد الصلوات ويوصي من حوله بذلك.
عبادة السلف في عشر ذي الحجة
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ”، والدعاء سلامة من العجز، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أعجزُ الناسِ من عجز عن الدعاءِ”، والداعي في معية الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللَّهَ يقولُ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي وأنا معهُ إذا دَعانِي”
أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة
وبالحديث عن أقوال السلف الأدعية الخاصة بالأيام العشر ذي الحجة عام ولا يوجد ذكر خاص، لكنها من خير أيام السنة وذات فضل عظيم، ويسن فيها الإكثار من الدعاء، ومن الأدعية المقترحة في عشر ذي الحجة:
- اللهم لاتطوي صفحة هذه الأيام الفضيلة إلا وقد سترت عوراتنا، ومحوت سيئاتنا، وقبلت توبتنا، وفرجت همومنا، واستجبت لدعواتنا، وأصلحت أبنائنا، وبناتنا، وأزواجنا، وغفرت لموتانا، وشفيت مرضانا.
- اللهم إني أسألك بفضلك، وعظمتك، وجلالك، وهيبتك، وجبروتك، وقوتك، وبأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى، أن تفرج عنا ما نحن فيه، وأن تقدر لنا الخير فيما نريده وننويه، وأن ترزقنا من رزقك، وأن تظلنا بظلك يوم لاظل إلا ظلك.
- اللهم فرج همنا ونفس كربنا واقض عنا ديننا واشف مرضانا وارحم موتانا وأهلك أعداءنا.
- اللهم أبدل حزني فرحًا، وهمومي سعادة، وضيقي فرجًا، وارزقني يومًا أفضل من أمسي، فليس لي سواك يا رب.
- يا الله يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اسألك باسمك العظيم الأعظم أن ترزقني رزقا واسعًا حلالًا طيبًا برحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا ولا تجعلنا من عبادك القانطين.
- اللهم عليك توكلنا وإليك توجهنا وأنبنا فلا تردنا خائبين.
- اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وكفر سيئاتنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
شاهد ايضا: كم مرة اعتمر الرسول صلى الله عليه وسلم
أدعية عشر ذي الحجة من القرآن
أفضل الأدعية التي يمكن الدعاء بها في عشر ذي الحجة، هي الأدعية الواردة في القرآن الكريم، ومن هذه الأدعية:
- {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
- {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
- {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
- {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
- {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.
- {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
- {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}.
- {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
- {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
- {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ}.
ما ينبغي على المسلم فعله في العشر الاوائل
يعتبر أفضل ما يمكن القيام به في هذه الأيام، هو أداء مناسك الحج والعمرة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” (متفق عليه)، وقال صدقة بن يسار: سمعت ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: “عمرة في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي؛ فحدثت به نافعاً فقال: نعم عمرة فيها هدي، أو صيام، أحب إليه من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام”، ومن الأعمال التي يستحب التزود منها في هذه الأيام المباركة:
- الإكثار من النوافل؛ فذلك مما يورث صاحبها محبة الله تعالى؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: “وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه” (رواه البخاري)؛ فينبغي للمسلم أن يكثر من الركعات والسجدات، وأن يتقرب إلى الله بصلاة الضحى والسنن الرواتب وصلاة الوتر، وقيام الليل والتطوع المطلق.
- ومن الأعمال الفاضلة التي يستحب للمؤمن في هذه العشر؛ صيامها أو صوم بعضها لمن لم يتيسر له صيامها كاملة؛ حيث أن عبودية الصيام من جنس العمل الصالح؛ بل إنها من العبادات التي اختصها الله لنفسه، قال -سبحانه-: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” (متفق عليه).
- ومما يدل على أفضلية الصوم فيها أن نبينا -صلوات ربي وسلامه عليه- كان يصومها؛ فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين” (أخرجه النسائي وأبو داود وصححه الألباني).
أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة مكتوبة
يدعو الانسان بكل ما ترجوه نفسه وتتمناه في الدنيا، ويرجو من الله تعالى الرحمة والمغفرة، وأن يبلغه يوم عرفة كي ينال الاجر الكبير والوثاب العظيم في هذا اليوم المبارك، ومن الأدعية:
- اللهم إني أَسْأَلُكَ العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أَسْأَلُكَ العَفْوَ والعافيةَ في دِينِي ودُنْيَايَ، وأهلي ومالي.
- اللهم نَوّر قَلْبِي وَقَبْرِي وأعِذْنِي مِنَ الشَّر كُلهِ واجْمعْ لي الخيرَ كُلَّهُ أستودِعُكَ دِيني وأمانتِي وقلبِي وبدَني وَخَواتِيمَ عَمَلِي وجميعَ ما أَنعمتَ به عليَّ وعلَى جميعِ أحبائي والمسلمينَ أجمعينَ.
- اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَة وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عَذَابِ النَّارِ، اللَّهُمَّ إني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلماً كثيراً، وإنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أنْتَ فاغْفِر لِي مغفرةً مِنْ عِنْدِكَ وَارحمني إنَّكَ أنتَ الغفُورُ الرَّحِيمُ.
- اللهم اسْتُرْ عَوْراتِي وآمِنْ رَوْعاتِي، اللهم احْفَظْنِي من بينِ يَدَيَّ، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعَظَمَتِكَ أن أُغْتالَ من تحتي.